الأربعاء، 16 أبريل 2025

حكم تارك الصلاة

 تارك الصلاة في الإسلام له حكم شديد في الشريعة الإسلامية، وقد اختلف العلماء في تفاصيل هذا الحكم، ولكنهم يتفقون على عظم هذا الذنب وخطورته. يمكن تلخيص آراء العلماء في حكم تارك الصلاة على النحو التالي:

1. من ترك الصلاة جحودًا وإنكارًا لوجوبها:

  • اتفق العلماء على أن هذا الشخص كافر مرتد عن الإسلام.
  • يعتبر إنكاره لركن معلوم من أركان الدين بالضرورة كفرًا صريحًا.
  • لا يُصلى عليه ولا يُغسل ولا يُكفن ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث.

2. من ترك الصلاة تهاونًا وكسلًا مع إقراره بوجوبها:

هنا اختلف العلماء في حكمه، وتعددت أقوالهم:

  • القول الأول: الكفر المخرج من الملة (الردة):

    • ذهب إلى هذا القول جمهور أهل الحديث وبعض السلف، والإمام أحمد بن حنبل في المشهور عنه، وابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين.
    • يستدلون بأدلة من القرآن والسنة وأقوال الصحابة التي تدل على أن ترك الصلاة كفر. من هذه الأدلة:
      • قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر». (رواه أحمد وأصحاب السنن).
      • قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة». (رواه مسلم).
      • قول عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة».
    • بناءً على هذا القول، فإن تارك الصلاة تهاونًا يُعامل معاملة المرتد، فيُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل.
  • القول الثاني: عدم الكفر المخرج من الملة، ولكنه فاسق مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر:

    • ذهب إلى هذا القول جمهور الحنفية والمالكية والشافعية.
    • يرون أن الأحاديث التي فيها لفظ "الكفر" لا يراد بها الكفر المخرج من الملة، بل الكفر الأصغر أو الكفر العملي، أي أنه فعل يشبه أفعال الكفار.
    • يعتبرون ترك الصلاة ذنبًا عظيمًا وجريمة كبرى أعظم من الزنا والسرقة وشرب الخمر.
    • عند الحنفية: يُحبس تارك الصلاة حتى يصلي.
    • عند المالكية والشافعية: يُقتل حدًا (أي عقوبة مقررة شرعًا) إذا أصر على تركها بعد استتابته، وليس كفرًا.
  • القول الثالث: تفصيل آخر يرى أن الترك المطلق للصلاة بحيث لا يصلي أبدًا هو الكفر، أما من يصلي أحيانًا ويترك أحيانًا أخرى فهو فاسق.

العقوبة في الدنيا والآخرة (بغض النظر عن وصفه بالكفر الأكبر أو الأصغر):

يتفق العلماء على أن تارك الصلاة على خطر عظيم في الدنيا والآخرة، وقد ذكروا له عقوبات شديدة:

في الدنيا:

  • محق البركة في عمره ورزقه.
  • عدم استجابة دعائه.
  • ذهاب نور الصلاح من وجهه.
  • مقت الناس له.
  • عدم ثوابه على أعماله الصالحة الأخرى (في بعض الأقوال).
  • عدم شموله بدعاء الصالحين.

عند الموت:

  • يموت ذليلاً.
  • يموت جائعًا.
  • يموت عطشانًا ولو شرب مياه البحار.

في القبر:

  • يضيق عليه قبره ويعصر.
  • يوقد عليه نارًا في قبره.
  • يسلط عليه ثعبان عظيم يعذبه.

يوم القيامة:

  • يحشر مع فرعون وهامان وأبي بن خلف (في بعض الأحاديث والآثار).
  • يغضب الله عليه ولا ينظر إليه.
  • يحاسب حسابًا شديدًا ويُلقى في النار (إلا أن يتوب الله عليه).

خلاصة:

ترك الصلاة ذنب عظيم وله عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة. يجب على المسلم أن يحافظ على صلاته وأن يتوب إلى الله تعالى إذا كان مقصرًا فيها. والراجح عند كثير من العلماء أن تارك الصلاة تهاونًا وكسلًا مع إقراره بوجوبها يعتبر مرتكبًا لكبيرة من أعظم الكبائر، وهو على خطر عظيم من الكفر، ويستحق العقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة ما لم يتب إلى الله ويحافظ على صلاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حديث شريف